responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 557
يَجْرِي فِيهَا الْإِرْثُ، وَأَمَّا الْحُقُوقُ فَمِنْهَا مَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَحَدُّ الْقَذْفِ عِنْدَنَا وَالنِّكَاحُ لَا يُورَثُ بِلَا خِلَافٍ وَحَبْسُ الْمَبِيعِ وَحَبْسُ الرَّهْنِ يُورَثُ وَالْوَكَالَاتُ وَالْعَوَارِيّ وَالْوَدَائِعُ لَا تُورَثُ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُورَثُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يُورَثُ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً وَالدِّيَةُ تُورَثُ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُورَثُ وَيَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْقِصَاصُ لَا يُورَثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُورَثُ عِنْدَهُمَا وَالْوَلَاءُ يُورَثُ بِلَا خِلَافٍ.

[الْوَقْتِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ]
وَأَمَّا بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ فَنَقُولُ هَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ الْإِرْثُ يَثْبُتُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ الْإِرْثُ يَثْبُتُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَفَائِدَةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِأَمَةِ الْغَيْرِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْت حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ وَارِثُهُ هَلْ تَعْتِقُ؟ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ تُعْتَقُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْقُدُورِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا تُعْتَقُ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ تُعْتَقُ.

[مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْإِرْثُ وَمَا يَحْرُمُ بِهِ]
وَأَمَّا مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْإِرْثُ وَمَا يَحْرُمُ بِهِ فَنَقُولُ مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْإِرْثُ شَيْئَانِ النَّسَبُ وَالسَّبَبُ فَالنَّسَبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ الْمُنْتَسِبُونَ إلَيْهِ وَهُمْ الْأَوْلَادُ وَالْمُنْتَسِبُ هُوَ إلَيْهِمْ وَهُمْ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالسَّبَبُ وَهُمْ الْأَخَوَاتُ وَالْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالسَّبَبُ ضَرْبَانِ زَوْجِيَّةٌ وَوَلَاءٌ وَالْوَلَاءُ نَوْعَانِ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ وَفِي النَّوْعَيْنِ مِنْ الْوَلَاءِ يَرِثُ الْأَعْلَى مِنْ الْأَسْفَلِ وَلَا يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنْ الْأَعْلَى هَذَا بَيَانُ جُمْلَةِ مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْإِرْثُ.
جِئْنَا إلَى بَيَانِ مَا يَحْرُمُ بِهِ الْإِرْثُ فَنَقُولُ مَا يَحْرُمُ بِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ الرِّقُّ حَتَّى إنَّ الْعَبْدَ لَا يَرِثُ مِنْ الْحُرِّ وَالْحُرُّ لَا يَرِثُ مِنْ الْعَبْدِ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَهَا، وَاخْتِلَافُ الدِّينَيْنِ حَتَّى لَا يَرِثَ الْكَافِرُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَلَا الْمُسْلِمُ مِنْ الْكَافِرِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا وَالْقَتْلُ مُبَاشَرَةً بِغَيْرِ حَقٍّ فَفِي الْقَتْلِ يُشْتَرَطُ لِحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا - الْمُبَاشَرَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً حَتَّى إنَّ مَنْ تَسَبَّبَ إلَى قَتْلِ مُوَرِّثِهِ بِأَنْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الطَّرِيقِ فَزَلَقَ بِهِ مُوَرِّثُهُ فَمَاتَ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى حَافَّةِ الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ وَمَاتَ لَا يُحْرَمُ مِنْ الْمِيرَاثِ.
الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْقَتْلُ بِحَقٍّ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْإِرْثِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ صَالَ عَلَيْهِ مُوَرِّثُهُ فَقَتَلَهُ الْوَارِثُ دَفْعًا لِصِيَالَتِهِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْمِيرَاثِ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ الْمُبَاشِرُ مُخَاطَبًا حَتَّى إنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ إذَا قَتَلَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَلَا حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ سَبَبٌ لِحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالنُّصْرَةِ وَلَا تَنَاصُرَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ وَلَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ لَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إنَّ الْمُسْلِمَ إذَا مَاتَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْهِنْدِ أَوْ التُّرْكِ يَرِثُ. وَفِي الْكَافِي ثُمَّ اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ عَلَى نَوْعَيْنِ حَقِيقِيٌّ كَالْحَرْبِيِّ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ ابْنٌ ذِمِّيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ الذِّمِّيُّ مِنْ ذَلِكَ الْحَرْبِيِّ وَكَذَا لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَهُ أَبٌ أَوْ ابْنٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ مِنْ ذَلِكَ الذِّمِّيِّ وَحُكْمِيٌّ كَالْمُسْتَأْمَنِ وَالذِّمِّيِّ حَتَّى وَلَوْ مَاتَ مُسْتَأْمَنٌ فِي دَارِنَا لَا يُوَرَّثُ مِنْهُ وَارِثُهُ الذِّمِّيُّ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ سَبَبٌ لِحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُوجَدَ حِرْمَانُ الْإِرْثِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُوجِبُ، وَقَدْ قِيلَ الْبُعْدُ سَبَبٌ لِحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ أَيْضًا حَتَّى لَا يَرِثَ الْبَعِيدُ مِنْ الْقَرِيبِ إذْ لَوْ وَرِثَ لَوَرِثَ جَمِيعُ الْعَالَمِ مِنْ وَاحِدٍ وَأَنَّهُ مُحَالٌ.

[يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ) الْمُرَادُ مِنْ التَّرِكَةِ مَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ خَالِيًا عَنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْغَيْرِ مُتَعَلِّقًا بِهِ كَالرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَالْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُقْدِمُ عَلَى التَّجْهِيزِ كَمَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ حَيَاتِهِ فَإِنَّ الْمَرْءَ يُقَدِّمُ نَفْسَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى عَلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّ الْغَيْرِ بِعَيْنِ مَالِهِ فَكَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ يُقَدِّمُ تَجْهِيزَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ وَهُوَ قَدْرُ كَفَنِ الْكِفَايَةِ أَوْ كَفَنِ السُّنَّةِ أَوْ قَدْرُ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مِنْ الْوَسَطِ أَوْ مِنْ الَّذِي كَانَ يَتَزَيَّنُ بِهِ فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَالزِّيَارَاتِ عَلَى مَا أَخْتَلَفُوا فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] وَهُوَ مُحْتَرَمٌ حَيًّا وَمَيِّتًا فَلَا يَجُوزُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ وَفِي الْأَثَرِ لِعِظَامِ الْمَيِّتِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لِعِظَامِ الْحَيِّ فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ التَّرِكَةَ تَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقٌ أَرْبَعَةٌ جِهَازُ الْمَيِّتِ وَدَفْنُهُ وَالدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْمِيرَاثُ فَيَبْدَأُ بِجِهَازِهِ وَكَفَنِهِ وَمَا يُحْتَاجُ فِي دَفْنِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَفِي

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 557
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست